غلبوا موسى ، ولا نتّبع موسى في دينه. وليس غرضهم اتّباع السحرة ، بل إنّما الغرض الكلّي أن لا يتّبعوا موسى ، فساقوا الكلام مساق الكناية ، لأنّهم إذا اتّبعوهم لم يكونوا متّبعين لموسى.
(فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ) حضروا بين يدي فرعون (قالُوا لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ) لموسى وأخيه.
(قالَ نَعَمْ) لكم على ذلك الأجر الجزيل (وَإِنَّكُمْ إِذاً) مع ما لكم من الأجر (لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) التزم لهم الأجر والقربة عنده زيادة عليه إن غلبوا.
ولمّا كان قوله : (أَإِنَّ لَنا لَأَجْراً) في معنى جزاء الشرط ، لدلالته عليه ، وكان قوله : (وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) معطوفا عليه ، ومدخلا في حكمه ، دخلت «إذا» قارّة في مكانها الّذي تقتضيه من الجواب والجزاء.
(قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ (٤٣) فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ (٤٤) فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ (٤٥) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ (٤٦) قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ (٤٧) رَبِّ مُوسى وَهارُونَ (٤٨) قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (٤٩) قالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ (٥٠) إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ (٥١))