بسخط لما سخط منها.
وتحرير المعنى : من كان يأمل أن يلقى الكرامة من الله والبشرى (فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ) فإنّ الموت الّذي هو الوقت المضروب للقائه (لَآتٍ) لجاء لا محالة. وهذا كقوله : من كان يرجو لقاء الملك ، فإنّ يوم الجمعة قريب ، إذا علم أنّه يقعد للناس يوم الجمعة. وإذا كان وقت اللقاء آتيا كان اللقاء كائنا لا محالة ، فليبادر ما يحقّق أمله ، ويصدّق رجاءه ، وما يستوجب القربة والرضا.
(وَهُوَ السَّمِيعُ) لأقوال العباد (الْعَلِيمُ) بأفعالهم. فهو حقيق بالتقوى والخشية.
(وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ (٦) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ (٧))
ولمّا رغّب سبحانه في تحقيق الرجاء بفعل الطاعة ، عقّبه بالترغيب في المجاهدة الّتي هي أشقّ الطاعات وأحمز العبادات ، فقال : (وَمَنْ جاهَدَ) نفسه الّتي هي أعدى أعدائه بالصبر على مضض الطاعة ، والكفّ عن الشهوات المنهيّة ، والشيطان وأعوانه ، بدفع وساوسهم ، وجاهد أعداء الدين لإحيائه (فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ) لأنّ منفعته لها (إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) فلا حاجة به إلى طاعتهم ، وإنّما كلّف عباده رحمة عليهم ، ومراعاة لصلاحهم.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ) الّتي اقترفوها قبل ذلك ، بأن يسقط عذاب ما تقدّم لهم من الكفر والمعاصي ، ببركة الإيمان وما يتبعه