(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللهِ وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ (١٠) وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ (١١))
ثمّ حكى عن حال المنافقين ، فقال : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ) بمجرّد اللسان (فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ) بأن عذّبهم الكفرة على الإيمان (جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ) ما يصيبهم من أذيّتهم في الصرف عن الإيمان (كَعَذابِ اللهِ) في الصرف عن الكفر ، أي : إذا أوذي بسبب دين الله رجع عن الدين مخافة عذاب الناس ، كما ينبغي أن يترك الكافر دينه مخافة عذاب الله ، فيسوّي بين عذاب فان منقطع ، وبين عذاب باق دائم ، لقلّة تمييزه. وسمّي أذيّة الناس فتنة ، لما في احتمالها من المشقّة.
(وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ) فتح وغنيمة (لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ) في الدين ، فأشركونا في المغنم. والمراد : المنافقون. وقيل : هم قوم ضعف إيمانهم ، فارتدّوا من أذى المشركين. ويؤيّد الأوّل قوله : (أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ) من الإخلاص والنفاق.
ثمّ وعد المؤمنين وأوعد المنافقين ، فقال : (وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) بقلوبهم (وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ) فيجازي الفريقين.