(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (١٢) وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ (١٣))
وبعد ذكر أحوال المؤمنين والمنافقين ، بيّن أحوال الكافرين ، فقال : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا) طريقتنا الّتي كنّا عليها (وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ) آثامكم عنكم ، إن قلتم : إنّ لكم في اتّباع ديننا إثما. يعنون بذلك أنّه لا إثم عليكم في اتّباع ديننا ، ولا يكون بعث ولا نشور ، فلا يلزمنا شيء ممّا ضمنّا. ومثل هذا ما يصدر من ضعفة العامّة فيقول لصاحبه : افعل هذا وإثمه في عنقي.
فردّ الله عليهم وكذّبهم بقوله : (وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ) «من» الأولى للتبيين ، والثانية مزيدة. والتقدير : وما هم بحاملين شيئا من خطاياهم.(إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) فيما ضمنوا من حمل خطاياهم.
إن قيل : كيف سمّاهم كاذبين ، وإنّما ضمنوا شيئا علم الله أنّهم لا يقدرون على الوفاء به ، وضامن ما لا يعلم اقتداره على الوفاء به لا يسمّى كاذبا ، لا حين ضمن ولا حين عجز ، لأنّه في الحالين لا يدخل تحت حدّ الكاذب ، وهو المخبر عن الشيء لا على ما هو عليه؟
أجيب : إنّ الله سبحانه شبّه حالهم ـ حيث علم أنّ ما ضمنوه لا طريق لهم إلى أن يفوا به ، فكان ضمانهم عنده لا على ما عليه المضمون ـ بالكاذبين الّذين خبرهم لا على ما عليه المخبر عنه. ويجوز أن يريد أنّهم كاذبون ، لأنّهم قالوا ذلك وقلوبهم على خلافه ، كالكاذبين الّذين يعدون الشيء وفي قلوبهم نيّة الخلف.
ولمّا ذكر كذبهم بحمل خطايا المؤمنين ، بيّن ما حملوا بحسب الواقع يوم القيامة ، فقال :