(وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ) أثقال ما اقترفته أنفسهم (وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ) وأثقالا أخر معها غير الخطايا الّتي ضمنوا للمؤمنين حملها. وهي أثقال الإضلال ، من غير أن ينقص من أثقال من تبعهم شيء. وهذا كقوله عليهالسلام : «من سنّ سنّة سيّئة» الخبر.
وبهذا المعنى قوله تعالى : (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) (١).
(وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ) سؤال تقريع وتبكيت (عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ) من الأباطيل الّتي أضلّوا بها.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَهُمْ ظالِمُونَ (١٤) فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْناها آيَةً لِلْعالَمِينَ (١٥))
ولمّا ذكر سبحانه حال المجاهد الصابر على أذيّة الكفرة ، وحال من كان بخلافه ، ذكر قصّة نوح عليهالسلام وصبره على أذى قومه ، وتكذيبهم إيّاه في المدّة الطويلة المتمادية ، ثمّ عقّب ذلك بذكر غيره من الأنبياء ، فقال :
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً) بعد البعث ، إذ روي أنّه بعث على رأس أربعين ، ودعا قومه تسعمائة وخمسين ، وعاش بعد الطوفان ستّين. وعن وهب : أنّه عاش ألفا وأربعمائة عام.
ولعلّ اختيار هذه العبارة على تسعمائة وخمسين ، لأنّ هذا قد يطلق على ما يقرب منه. فكأنّه قيل : تسعمائة وخمسين سنة كاملة وافية العدد.
__________________
(١) النحل : ٢٥.