لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (٥٨) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٥٩) وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦٠))
ثمّ بيّن سبحانه أنّه لا عذر لعباده في ترك طاعته ، فقال : (يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ) أي : إذا لم يتسهّل لكم العبادة في بلدة ، ولم يتيسّر لكم إظهار دينكم ، فهاجروا عنها إلى بلد تقدّرون فيه أنّكم فيه أسلم قلبا ، وأصحّ دينا ، وأكثر عبادة ، وأحسن خشوعا ، واطرد للشيطان ، وأبعد من الفتن ، وأضبط للأمر الديني.
وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من فرّ بدينه من أرض إلى أرض ولو كان شبرا استوجب الجنّة ، وكان رفيق إبراهيم ومحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم».
وقيل : نزلت في المستضعفين بمكّة. والفاء جواب شرط محذوف. وتقديم المفعول للاختصاص. والمعنى : إنّ ارضي واسعة ، فإن لم تخلصوا العبادة لي في أرض فأخلصوها في غيرها.
وعن أبي عبد الله عليهالسلام معناه : «إذا عصي الله في أرض أنت فيها ، فاخرج منها إلى غيرها».
ثمّ خوّفهم بالموت ليهوّن عليهم الهجرة ، فقال : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) واجدة مرارة الموت ، كما يجد الذائق طعم المذوق. والمراد : تناله الموت لا محالة.
(ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ) للجزاء. ومن كانت هذه عاقبته لم يكن له بدّ من التزوّد لها ، والاستعداد بجهده. وقرأ أبو بكر بالياء.
ثمّ ذكر ثواب من هاجر ، فقال : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ)