يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٩) ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ (١٠))
ثمّ حثّ سبحانه على التفكّر والتدبّر فيما يدلّ على توحيده ، من خلق السماوات والأرض ، ثمّ أحوال القرون الخالية والأمم الماضية ، فقال : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ) أو لم يحدثوا التفكّر في أنفسهم ، أي : في قلوبهم الفارغة من الفكر. فالجارّ والمجرور ظرف للفعل. ويحتمل أن يكون صلة له. ومعناه : أو لم يتفكّروا في خلق أنفسهم ، فإنّها أقرب إليهم من غيرها ومرآة يجتلى فيها للمستبصر ما يجتلى له في الممكنات بأسرها ، ليتحقّق لهم قدرة مبدعها على إعادتها ، كقدرته على إبدائها.
وقوله : (ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِ) متعلّق بقول أو علم محذوف يدلّ عليه الكلام. تقديره : أو لم يتفكّروا فيقولوا أو فيعلموا هذا القول.
والمعنى : ما خلقها باطلا وعبثا بغير غرض صحيح وحكمة بالغة ، بل إنّما خلقها مقرونة بالحقّ ، مصحوبة بالحكمة.
(وَأَجَلٍ مُسَمًّى) وبتقدير أجل مقرّر مقدّر لا بدّ لها من أن تنتهي إليه ، ولا تبقى بعده. وهو وقت قيام الساعة.
(وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ) بلقاء جزائه عند انقضاء الأجل المسمّى ، أو قيام الساعة (لَكافِرُونَ) جاحدون ، يحسبون أنّ الدنيا أبديّة ، وأنّ