الْبَعْثِ فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٥٦) فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٥٧) وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ مُبْطِلُونَ (٥٨) كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (٥٩) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ (٦٠))
ثمّ عاد سبحانه إلى ذكر الأدلّة ، فقال : (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ) أي : ابتدأكم ضعفاء ، وجعل الضعف أساس أمركم ، وما عليه جبلّتكم وبنيتكم ، كقوله : (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) (١). وذلك حال الطفوليّة ، لا تقدرون على البطش والمشي وسائر التصرّفات. أو خلقكم من أصل ضعيف ، وهو النطفة ، كقوله : (مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) (٢).
(ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً) وذلك إذا بلغتم الحلم ، أو تعلّق بأبدانكم الروح (ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً) إذا طعنتم في السنّ.
وفتح عاصم وحمزة الضاد في جميعها. والضمّ أقوى ، لقول ابن عمر : قرأتها على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من ضعف» فأقرأني : «من ضعف». وهما لغتان ، كالفقر والفقر. والتنكير مع التكرير ، لأنّ المتأخّر ليس عين المتقدّم.
(يَخْلُقُ ما يَشاءُ) من ضعف وقوّة وشيبة (وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) فإنّ الترديد
__________________
(١) النساء : ٢٨.
(٢) السجدة : ٨.