(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ (٣٣))
ولمّا بيّن الأدلّة الدالّة على كمال قدرته وعلمه وتوحيده ، خاطب جميع المكلّفين ، فقال :
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ) لا يقضي عنه (وَلا مَوْلُودٌ) مبتدأ خبره (هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً) وتغيير النظم إلى الجملة الاسميّة الّتي هي آكد من الفعليّة ، للدلالة على أنّ المولود أولى بأن لا يجزي ، ولقطع طمع من توقّع من المؤمنين أن ينفع أباه الكافر في الآخرة. وفي ذكر لفظ المولود دون الولد ، دلالة على أنّ الواحد منهم لو شفع للأب الأدنى الّذي ولد منه لم يقبل شفاعته ، فضلا أن يشفع لمن فوقه من أجداده ، لأنّ الولد يقع على الولد وولد الولد ، بخلاف المولود ، فإنّه لمن ولد منك.
(إِنَّ وَعْدَ اللهِ) بالثواب والعقاب (حَقٌ) لا يمكن خلفه (فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) الإمهال عن الانتقام ، والآمال والأموال عن الإسلام. والمعنى : لا تغترّوا بطول السلامة وكثرة النعمة ، فإنّهما عن قريب إلى زوال وانتقال. (وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) الشيطان ، بأن يرجيكم التوبة والمغفرة ، فيجسركم على المعاصي.
عن سعيد بن جبير : الغرّة بالله أن يتمادى الرجل في المعصية ، ويتمنّى على الله المغفرة. وقيل : ذكرك لحسناتك ، ونسيانك لسيّئاتك غرّة.
عن أبي عبيدة : كلّ شيء غرّك حتّى تعصي الله ، وتترك ما أمرك الله به ، فهو