إلى ما يقولون فيه على خلاف ذلك ، إنكارا له وتعجيبا منه ، فإنّ «أم» هي المنقطعة.
ثمّ أضرب عنه إلى إثبات أنّه الحقّ المنزل من الله ، وبيّن المقصود من تنزيله ، فقال : (لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ) إذ كانوا أهل الفترة (لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) بإنذارك إيّاهم. وفيه وجهان : أن يكون على الترجّي من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما كان : (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) (١) على الترجّي من موسى وهارون. وأن يستعار لفظ الترجّي للإرادة.
واعلم أنّه لا يلزم من عدم إتيان نذير قبل زمان البعثة عدم الحجّة عليهم ، لأنّ أدلّة العقل الموصلة إلى معرفة الله وتوحيده معهم في كلّ زمان. نعم ، لم يقم عليهم قيام الحجّة بالشرائع الّتي لا يدرك علمها إلّا بالرسل.
(اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (٤) يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٥))
ثمّ دلّ سبحانه على وحدانيّته بقوله : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) مرّ بيانه في الأعراف (٢) (ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ) ما لكم إذا جاوزتم رضا الله أحد ينصركم ويشفع لكم. أو ما لكم سواه وليّ يتولّى مصالحكم ويشفعكم ، أي : ينصركم ، على سبيل المجاز ، لأنّ
__________________
(١) طه : ٤٤.
(٢) راجع ج ٢ ص ٥٣٢ ، ذيل الآية ٥٤ من سورة الأعراف.