ذلك بقوله : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ) وذوو القرابات (بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) في التوارث (فِي كِتابِ اللهِ) في اللوح. أو فيما أوحى الله إلى نبيّه. وهو هذه الآية ، أو آية (١) المواريث. أو فيما فرض الله.
(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ) بيان لأولي الأرحام ، أي : الأقرباء من هؤلاء بعضهم أولى بأن يرث بعضا من الأجانب. أو لابتداء الغاية ، أي : وأولوا الأرحام بحقّ القرابة أولى بالميراث من المؤمنين بحقّ الدين ، ومن المهاجرين بحقّ الهجرة.
فهذا نسخ لما كان في صدر الإسلام من التواريث بالهجرة ، والموالاة في الدين ، لا بالقرابات.
(إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً) استثناء من أعمّ ما يقدّر الأولويّة فيه من أنواع النفع ، أي : القريب أولى من الأجنبيّ في كلّ نفع ، من ميراث وهبة وهديّة وصدقة وغير ذلك ، إلّا في الوصيّة. أو منقطع ، أي : لكن إن فعلتم إلى أوليائكم المؤمنين وخلفائكم ، ما يعرف حسنه وصوابه ، فهو حسن. قال السدّي : عنى بذلك وصيّة الرجل لإخوانه في الدين.
(كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً) مكتوبا. والمراد بالكتاب اللوح ، أو القرآن.
وقيل : في التوراة. والجملة مستأنفة كالخاتمة لما ذكر من الأحكام.
واعلم أنّ الآية متّصلة بقوله : (وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ») فإنّه سبحانه لمّا بيّن أنّ التبنّي على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يجوز ، عقّبه أنّه مع ذلك أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، من حيث إنّه ولّاه الله أمرهم ، فيلزمهم طاعته والانقياد له. وأصل الولاية لله تعالى ، فلا حظّ فيها لأحد إلّا لمن ولّاه سبحانه. وإلى هذا المعنى أشار النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم الغدير ، في قوله : «ألست أولى بكم من أنفسكم؟» فلمّا قالوا : بلى ، قال : «من كنت مولاه فعليّ مولاه».
__________________
(١) النساء : ١١ ـ ١٢ و ١٧٦.