أو تصديقهم إيّاهم تبكيتا لهم ، كقوله تعالى : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ) (١). أو ليسأل المصدّقين للأنبياء عن تصديقهم ، فإنّ مصدّق الصادق صادق. أو المؤمنين الّذين صدقوا عهدهم حين أشهدهم على أنفسهم عن صدقهم عهدهم وشهادتهم ، فيشهد لهم الأنبياء بأنّهم صدقوا عهدهم وشهادتهم.
(وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً) عطف على «أخذنا» لأنّ المعنى : أنّ الله أكّد على الأنبياء الدعوة إلى دينه لأجل إثابة المؤمنين. أو على ما دلّ عليه «ليسأل». كأنّه قال : فأثاب المؤمنين ، وأعدّ للكافرين عذابا أليما.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً (٩))
ولمّا بيّن سبحانه تأكيد نبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم بذكر ما أخذ على النبيّين من الميثاق ، عقّب ذلك ببيان آياته ومعجزاته يوم الأحزاب ، وذكر ما أنعم عليه وعلى المؤمنين من النصر ، مع ما أعدّ لهم من الثواب ، وما فعل بالكفرة من التذليل والإخزاء ، مع ما أوعدهم من العذاب ، فقال :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ) ما أنعم الله به عليكم يوم الأحزاب ، وهو يوم الخندق (إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ) وهم : قريش ، وغطفان ، ويهود قريظة والنظير. وكانوا زهاء اثني عشر ألفا. (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً) الصبا باردة في ليلة شاتية ، فأخصرتهم (٢) ، وسفّت التراب في وجوههم ، كما قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم :
__________________
(١) المائدة : ١١٦.
(٢) فأخصرتهم أي : أوقعتهم في الخصر ، وهو البرد. وسفّت التراب أي : طيّرته.