(أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا) إخلاصا ، وإلّا لما فعلوا ذلك (فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمالَهُمْ) أي : فأظهر بطلانها ، إذا لم تثبت لهم أعمال فتبطل. أو أبطل تصنّعهم ونفاقهم.
(وَكانَ ذلِكَ) الإحباط (عَلَى اللهِ يَسِيراً) هيّنا ، لتعلّق الإرادة به ، وعدم ما يمنعه عنه.
ثمّ وصف فرط جبنهم بقوله : (يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا) أي : لجبنهم يظنّون أنّ الأحزاب لم ينهزموا ، وقد انهزموا ففرّوا من الخندق إلى داخل المدينة (وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ) كرّة ثانية (يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ) تمنّوا أنّهم خارجون إلى البدو ، حاصلون بين الأعراب ، حذرا من القتل ، وتربّصا للدوائر.
(يَسْئَلُونَ) كلّ قادم من جانب المدينة (عَنْ أَنْبائِكُمْ) عمّا جرى عليكم (وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ) هذه الكرّة ، ولم يرجعوا إلى المدينة ، وكانوا في صفّ القتال معكم (ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلاً) رياء وخوفا عن التعيير.
(لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً (٢١))
ولمّا بيّن سبحانه حال المنافقين ، حثّ المؤمنين المخلصين على الجهاد والصبر عليه ، فقال :
(لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) خصلة حسنة ، من حقّها أن يؤتسى بها ، كالثبات في الحرب ، ومقاساة الشدائد. أو هو في نفسه قدوة يحسن التأسّي به ، كقولك في البيضة : عشرون منّا حديدا ، أي : هي في نفسها هذا القدر من الحديد. وقرأ عاصم بضمّ الهمزة (١). وهو لغة.
__________________
(١) والقراءة الاخرى : إسوة ، بكسر الهمزة.