(لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) أي : أيّام الله واليوم الآخر خصوصا. أو المعنى : يرجوا ما عند الله في الآخرة من الثواب الأبدي والنعيم السرمدي. وهذا كقولك : رجوت زيدا وفضله ، أي : رجوت فضل زيد. والرجاء يحتمل أن يكون بمعنى الأمل أو الخوف. و «لمن كان» صلة لـ «حسنة» أو صفة لها. أو بدل من «لكم» ، كقوله : (لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ) (١). يعني : أنّ الاسوة برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إنّما تكون لمن كان يرجو الله واليوم الآخر.
(وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً) وقرن الرجاء بالطاعات الكثيرة ، والتوفّر على الأعمال الصالحة ، لأنّ المؤتسي بالرسول من كان كذلك.
(وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلاَّ إِيماناً وَتَسْلِيماً (٢٢))
ثمّ عاد سبحانه إلى ذكر الأحزاب ، فقال : (وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ) الجماعة الّتي تحزّبت على قتال النبيّ مع كثرتهم (قالُوا هذا) أي : هذا الّذي رأينا. أو هذا الخطب ، أو البلاء. (ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ) وعدهم الله أن يزلزلوا حتّى يستغيثوه ويستنصروه ، في قوله : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ) (٢). الآية. وقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «سيشتدّ الأمر باجتماع الأحزاب عليكم ، والعاقبة لكم عليهم». وقال : «إنّهم سائرون إليكم بعد تسع أو عشر». فلمّا جاء الأحزاب وشخص بهم ، واضطربوا ورعبوا الرعب الشديد ، (قالُوا : هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ»).
__________________
(١) الأعراف : ٧٥.
(٢) البقرة : ٢١٤.