(لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ) في العهود (وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ) بنقض عهودهم (إِنْ شاءَ) إذا لم يتوبوا (أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) إن تابوا. هذا تعليل للمنطوق والمعرّض به في قوله : (وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً). فكأنّ المنافقين قصدوا بالتبديل عاقبة السوء ، كما قصد الصادقون المخلصون بالثبات والوفاء العاقبة الحسنى ، فإنّ كلا الفريقين مسوق إلى عاقبته من الثواب والعقاب ، فكأنّهما استويا في طلبهما والسعي لتحصيلهما. (إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) لمن تاب.
(وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَكانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزاً (٢٥))
ثمّ عاد سبحانه إلى تعداد نعمه على المؤمنين ، فقال : (وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) يعني : الأحزاب (بِغَيْظِهِمْ) متغيّظين ، كقوله : (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) (١) (لَمْ يَنالُوا خَيْراً) غير ظافرين على المؤمنين. وهما حالان بتداخل أو تعاقب. ويجوز أن تكون الثانية بيانا للأولى أو استئنافا.
(وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ) بالريح والملائكة والرعب (وَكانَ اللهُ قَوِيًّا) على إحداث ما يريده (عَزِيزاً) غالبا على كلّ شيء.
وعن ابن مسعود : وكفى الله المؤمنين القتال بعليّ بن أبي طالب ، وقتله عمرو بن عبد ودّ ، فإنّه كان سبب هزيمة القوم. وهو المرويّ عن أبي عبد الله عليهالسلام.
وروي : أنّ جبرئيل عليهالسلام أتى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ صبيحة الليلة الّتي انهزم فيها الأحزاب ، ورجع المسلمون إلى المدينة ، ووضعوا سلاحهم ـ على فرسه الحيزوم ، والغبار على وجه الفرس وعلى السرج ، فقال : يا رسول الله أتنزع لامتك والملائكة
__________________
(١) المؤمنون : ٢٠.