فقال سعد : حكمت بقتل مقاتليهم ، وسبي ذراريهم ونسائهم.
فكبّر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة (١). ثمّ استنزلهم ، وخندق في سوق المدينة خندقا ، وقدّمهم فضرب أعناقهم ، وهم من ثمانمائة إلى تسعمائة. وقيل : كانوا ستّمائة مقاتل ، وسبعمائة أسير.
وقد روي : أنّه أتي بحييّ بن أخطب عدوّ الله ، مجموعة يداه إلى عنقه ، وعليه حلّة فاختيّة ، قد شقّها عليه من كلّ ناحية كموضع الأنملة ، لئلّا يسلبها. فلمّا بصر برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : أمّا والله ما لمت نفسي على عداوتك ، ولكنّه من يخذله الله يخذل. ثمّ قال : أيّها الناس! لا بأس بأمر الله ، كتاب الله وقدره ، ملحمة كتبت على بني إسرائيل. ثمّ جلس فضرب عنقه. ثمّ قسّم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نساءهم وأموالهم على المسلمين.
(وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً (٢٦) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (٢٧))
ثمّ ذكر سبحانه ما فعل بهم ، امتنانا على المؤمنين ، فقال : (وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ) عاونوا الأحزاب (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) يعني : قريظة (مِنْ صَياصِيهِمْ) من حصونهم. جمع صيصية ، وهي ما يتحصّن به. ولذلك يقال لقرن الثور والظبي وشوكة الديك ـ أي : مخلبه الّتي في ساقه يتحصّن بها ـ : صيصية.
(وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ) وألقى الله في قلوبهم الخوف من النبيّ وأصحابه
__________________
(١) جمع رقيع. وهي السماء عموما ، أو سماء الدنيا.