(لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَلا أَبْنائِهِنَّ وَلا إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَ) إنّما لم يذكر العمّ والخال ، لأنّهما بمنزلة الوالدين. ولذلك سمّى العمّ أبا في قوله : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ) (١). وهو عمّه على المذهب الصحيح. وقوله : (آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ) (٢). وإسماعيل عمّ يعقوب. أو لأنّه كره ترك الاحتجاب عنهما ، مخافة أن يصفا لأبنائهما.
(وَلا نِسائِهِنَ) يعني : النساء المؤمنات ، فإنّ نساء اليهود والنصارى لم يكنّ مواضع الأمانة ، فيصفن نساء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وغيره لأزواجهنّ إن رأينهنّ. وقيل : يريد جميع النساء. وقد سبق ما هو الحقّ من القولين في سورة النور (٣).
(وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَ) من الإماء. وقيل : من العبيد والإماء. وقد مرّ تحقيقه أيضا في سورة النور.
ثمّ نقل الكلام من الغيبة إلى الخطاب ، لمزيد تشديد ومبالغة ، فقال : (وَاتَّقِينَ اللهَ) اسلكن طريق التقوى في حفظ ما أمركنّ الله به ، من الاحتجاب وغير ذلك من المنهيّات والمأمورات (إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) من السرّ والعلن (شَهِيداً) لا يخفى عليه خافية ، ولا يتفاوت في علمه الأحوال من الظاهر والباطن.
(إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (٥٦))
ولمّا صدّر سبحانه هذه السورة بذكر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقرّر في أثنائها ذكر
__________________
(١) الأنعام : ٧٤.
(٢) البقرة : ١٣٣.
(٣) راجع ج ٤ ص ٤٩٨ ، ذيل الآية ٣١ من سورة النور.