ثمّ نبّه على تفاحش غلطهم ، وإن لم يقدّروا الله حقّ قدره ، بقوله : (بَلْ هُوَ) بل الله ، أو الشأن (اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) الموصوف بالغلبة ، وكمال القدرة والحكمة.
وهؤلاء الملحقون به متّسمون بالذلّة ، متأبيّة عن قبول العلم والقدرة رأسا. فأين الّذين ألحقتم به شركاء من تلك الصفات الجليلة والسمات العليّة؟
(وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٢٨) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٩) قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ (٣٠))
ثمّ بيّن سبحانه بنوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم على وجه العموم بقوله : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ) إلّا إرسالة عامّة لهم كلّهم ، العرب والعجم ، وسائر الأمم ، محيطة بهم إلى يوم القيامة. من الكفّ ، فإنّها إذا عمّتهم وشملتهم فقد كفّتهم أن يخرج منها أحد منهم.
ويؤيّده الحديث المرويّ عن ابن عبّاس ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أعطيت خمسا ، ولا أقول فخرا : بعثت إلى الأحمر والأسود. وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا.
وأحلّ لي المغنم ، ولم يحلّ لأحد قبلي. ونصرت بالرعب ، فهو يسير أمامي مسيرة شهر. وأعطيت الشفاعة ، فادّخرتها لأمّتي يوم القيامة».
أو إلّا جامعا لهم في الإبلاغ. فجعله حالا من الكاف. والتاء للمبالغة ، كالراوية والعلّامة. ولا يجوز جعلها حالا من الناس على المختار ، لأنّ تقدّم حال المجرور عليه في الإحالة ، بمنزلة تقدّم المجرور على الجارّ.
وعن ابن مسلم أنّ معناه : مانعا لهم عمّاهم عليه من الكفر والمعاصي ، بالأمر والنهي ، والوعد والوعيد.