الْعَذابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٣٣))
ثمّ بيّن سبحانه حالهم في القيامة ، فقال حكاية عنهم :
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) ولا بما تقدّمه من الكتب الدالّة على النعت. وقيل : «الّذي بين يديه» يوم القيامة.
روي : أنّ كفّار مكّة سألوا أهل الكتاب عن الرسول ، فأخبروهم أنّهم يجدون نعته في كتبهم. فأغضبهم ذلك ، وقرنوا إلى القرآن جميع ما تقدّمه من كتب الله في الكفر. فبهذه الآية أخبر الله عن ذلك.
والمعنى : أنّهم جحدوا أن يكون القرآن من الله ، أو أن تكون لما دلّ عليه من الإعادة للجزاء حقيقة.
ثمّ أخبر عن عاقبة أمرهم ومآلهم في الآخرة ، فقال لرسوله أو لمن شأنه التخاطب :
(وَلَوْ تَرى) في الآخرة (إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ) محبوسون (عِنْدَ رَبِّهِمْ) أي : في موضع المحاسبة (يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ) يتحاورون ويتراجعون القول ، لرأيت العجيب. فحذف الجواب.
ثمّ فصّل محاورتهم بقوله : (يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) يقول الأتباع (لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) للرؤساء (لَوْ لا أَنْتُمْ) لو لا إضلالكم وصدّكم إيّانا عن الإيمان (لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ) باتّباع الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ) أنكروا أنّهم كانوا صادّين لهم عن الإيمان ، وأثبتوا أنّهم هم الّذين صدّوا بأنفسهم عنه ، حيث أعرضوا عن الهدى ، وآثروا التقليد عليه من