بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (٤١) فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (٤٢))
(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً) المستكبرين والمستضعفين (ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ) تقريعا للمشركين ، وتبكيتا لهم ، وإقناطا لهم عمّا يتوقّعون من شفاعتهم ، فإنّ ظاهر الكلام خطاب للملائكة ، والمراد به تقريع الكفّار ، وارد على المثل السائر : إيّاك أعني واسمعي يا جارة. ونحوه قوله تعالى : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ) (١). وقد علم سبحانه كون الملائكة وعيسى منزّهين ، برآء ممّا وجّه عليهم من السؤال الوارد على طريق التقرير. والغرض منه أن يقول ويقولوا ، ويسأل ويجيبوا ، ليكون تقريعهم أشدّ ، وتعييرهم أبلغ ، وخجلهم أعظم ، وهوانهم ألزم. ويكون اقتصاص ذلك لطفا لمن سمعه ، وزاجرا لمن اقتصّ عليه.
وتخصيص الملائكة ، لأنّهم أشرف شركائهم ، والصالحون للخطاب منهم.
ولأنّ عبادتهم مبدأ الشرك وأصله. وقرأ حفص بالياء فيهما (٢).
(قالُوا سُبْحانَكَ) تنزيها لك عن أن يعبد سواك ، ويتّخذ معك معبود غيرك (أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ) أنت الّذي نواليه من دونهم ، لا موالاة بيننا وبينهم. فبيّنوا بإثبات موالاة الله ومعاداة الكفّار ، براءتهم من الرضا بعبادتهم.
ثمّ أضربوا عن ذلك ، ونفوا أنّهم عبدوهم على الحقيقة بقولهم : (بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَ) أي : الشياطين ، حيث أطاعوهم في عبادة غير الله ، وصوّرت لهم
__________________
(١) المائدة : ١١٦.
(٢) أي : يحشرهم ... يقول.