تَعْبُدُونَ) (١).
(وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) ولا يخبرك بالأمر مخبر مثل خبير عالم به أخبرك. وهو الله تعالى ، فإنّه هو الخبير به على الحقيقة ، دون سائر المخبرين. والمراد تحقيق ما أخبر به من حال آلهتهم ، ونفي ما يدّعون لهم. كأنّه قال : إنّ هذا الّذي أخبرتكم من حال الأوثان هو الحقّ ، لأنّي خبير بما أخبرت به.
(يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (١٥) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٦) وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ (١٧))
(يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ) في أنفسكم ومايعن لكم. وتعريف الفقراء للمبالغة في فقرهم ، كأنّهم لشدّة افتقارهم إليه وكثرة احتياجهم هم الفقراء ، وأنّ افتقار سائر الخلائق بالنسبة إلى فقرهم غير معتدّ به ، لأنّ الفقر ممّا يتبع الضعف ، فكلّما كان أضعف كان أفقر ، وقد شهد سبحانه على الإنسان بالضعف في قوله : (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) (٢). وقال : (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ) (٣). ولو نكّر لكان المعنى : أنتم بعض الفقراء ، وفات هذا المعنى المقصود.
ولمّا أثبت فقرهم إليه ، وغناه عنهم ، وليس كلّ غنيّ نافعا بغناه إلّا إذا كان الغنيّ جوادا منعما ، فإذا جاد وأنعم استحقّ عليهم الحمد ، وحمده المنعم عليهم ، ذكر الحميد ليدلّ به على أنّه الغنيّ النافع بغناه خلقه ، الجواد المنعم عليهم ، المستحقّ بإنعامه عليهم أن يحمدوه ، الحميد على ألسنة مؤمنيهم ، فقال :
__________________
(١) يونس : ٢٨.
(٢) النساء : ٢٨.
(٣) الروم : ٥٤.