(وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) المستغني على الإطلاق ، المنعم على سائر الموجودات ، حتّى استحقّ عليهم الحمد.
ثمّ دلّ على كمال قدرته بقوله : (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ) يغنكم (وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) بقوم آخرين أطوع منكم. أو بعالم آخر غير ما تعرفونه. (وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ) بمتعذّر أو متعسّر.
(وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ (١٨))
ثمّ أخبر عن عدله في حكمه ، فقال : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) ولا تحمل نفس حاملة الإثم حمل إثم نفس اخرى. والوزر : الوقر. والمعنى : أنّ كلّ نفس يوم القيامة لا تحمل إلّا وزرها الّذي اقترفته. فلا تؤخذ نفس بذنب نفس ، كما تأخذ جبابرة الدنيا الوليّ بالوليّ ، والجار بالجار.
وأمّا قوله : (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ) (١) ففي الضالّين المضلّين ، فإنّهم يحملون أثقال إضلالهم مع أثقال ضلالهم ، وكلّ ذلك أوزارهم ، ليس فيها شيء من أوزار غيرهم. ألا ترى كيف كذّبهم في قولهم : (اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ) (٢) بقوله : (وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ) (٣). ففي أنّه لا يؤاخذ نفسا بغير ذنبها ، دلالة على عدل الله في حكمه.
ثمّ بيّن أن لا غياث يومئذ لمن استغاث ، فقال : (وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ) نفس أثقلها
__________________
(١) العنكبوت : ١٢ ـ ١٣.
(٢) العنكبوت : ١٢ ـ ١٣.
(٣) العنكبوت : ١٢ ـ ١٣.