الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً فَهُمْ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلاَّ غُرُوراً (٤٠))
ولمّا قدّم سبحانه ذكر ما أعدّه لأهل الجنّة من أنواع الثواب ، عقّبه بذكر ما أعدّه للكفّار من أليم العقاب ، فقال :
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ) لا يحكم عليهم بموت ثان (فَيَمُوتُوا) فيستريحوا. ونصبه بإضمار «أن». (وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها) ولا يسهل عليهم عذاب النار ، بل كلّما خبت زيد إسعارها (كَذلِكَ) مثل ذلك الجزاء (نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ) مبالغ في الكفر ، أو الكفران.
وقرأ أبو عمرو : يجزى ، على بناء المفعول. وإسناده إلى «كلّ».
(وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها) يستغيثون. يفتعلون من الصراخ ، وهو الصياح.
استعمل في الاستغاثة ، لجهر المستغيث صوته. (رَبَّنا أَخْرِجْنا) من عذاب النار (نَعْمَلْ صالِحاً) نؤمن بدل الكفر ، ونطيع بدل المعصية ، أي : ردّنا إلى الدنيا لنعمل بالطاعات الّتي تأمرنا بها (غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) من المعاصي. وتقييد العمل الصالح بالوصف المذكور للتحسّر على ما عملوه من غير الصالح ، والاعتراف به ، والإشعار بأنّ استخراجهم لتلافيه ، وأنّهم كانوا يحسبون أنّه صالح ، والآن تحقّق لهم خلافه.
فوبّخهم الله تعالى فقال : (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ) أو لم نعطكم من العمر مقدار ما يمكن أن تتفكّروا وتتذكّروا. و (ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ) متناول كلّ عمر يمكن المكلّف فيه من التفكّر والتذكّر والعمل الصالح.