(إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً (٤١))
ثمّ بيّن سبحانه عظيم قدرته المغنية عن اعتضاد شريك ، وسعة مملكته المتقنة الدالّة على كمال غنائه عمّا سواه ، فقال :
(إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) بمحض القدرة التامّة ، من غير علاقة فوقها ، ولا عماد تحتها.
عن ابن عبّاس أنّه قال لرجل مقبل من الشام : من لقيت به؟ قال : كعبا. قال : وما سمعته يقول؟ قال : سمعته يقول : إنّ السماوات على منكب ملك. قال : كذب كعب ، أما ترك يهوديّته بعد؟! ثمّ قرأ : (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ).
(أَنْ تَزُولا) كراهة أن تزولا ، فإنّ الممكن حال بقائه لا بدّ له من حافظ. أو يمنعهما أن تزولا ، لأنّ الإمساك منع.
(وَلَئِنْ زالَتا) وإن قدّر أن تزولا عن مراكزهما (إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ) من بعد الله ، أو من بعد الزوال. والجملة سادّة مسدّ جواب القسم وجواب الشرط. و «من» الأولى زائدة. والثانية للابتداء.
(إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) غير معاجل بالعقوبة ، حيث أمسكهما وكانتا جديرتين بأن تهدّا هدّا ، لعظم كلمة الشرك ، كما قال : (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا) (١).
(وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ ما زادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً (٤٢) اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ
__________________
(١) مريم : ٩٠.