عليه ، ولم يجعل لهم طريقا إلى معرفته. ولا يبعد أن يخلق الله تعالى من الخلائق الحيوان والجماد ما لم يجعل للبشر طريقا إلى العلم به ، لأنّه لا حاجة بهم في دينهم ودنياهم إلى ذلك العلم ، ولو كانت بهم إليه حاجة لأعلمهم ، وفي الإعلام بكثرة ما خلق ـ ممّا علموه وممّا جهلوه ـ ما يدلّ على عظم قدرته واتّساع ملكه.
(وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ (٣٧) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٣٨) وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٣٩) لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٤٠))
(وَآيَةٌ) ودلالة اخرى (لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ) نكشفه عن مكانه.
يعني : ننزع ونخرج منه ضوء الشمس ، فيبقى الهواء مظلما كما كان ، لأنّ الله سبحانه يضيء الهواء بضياء الشمس ، فإذا انسلخ منه الضياء ـ أي : كشط وأزيل ـ يبقى مظلما. مستعار من : سلخ جلد الشاة ، إذا كشطه عنها وأزاله. والكلام في إعرابه ما سبق.
(فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ) داخلون في الظلام ، لا ضياء لهم فيه. فجعل سبحانه الليل كالجسم المظلم ، والنهار كالقشر. أو جعل النهار لأنّه عارض كالكسوة ، والليل لأنّه أصل كالجسم.
(وَالشَّمْسُ تَجْرِي) في فلكها إلى آخر السنة (لِمُسْتَقَرٍّ لَها) لحدّ معيّن ينتهي إليه دورها. فشبّه بمستقرّ المسافر إذا قطع مسيره. أو لمنتهى لها مقدّر لكلّ يوم من المشارق والمغارب ، فإنّ لها في دورها ثلاثمائة وستّين مشرقا ومغربا ،