قولهم : صدقوهم الحديث. او «هذا» صفة لـ «مرقدنا». و «ما وعد» خبر محذوف. أو مبتدأ خبره محذوف ، أي : ما وعد الرحمن (وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) حقّ. وهو من كلامهم ، يتذكّرون ما سمعوه من الرسل ، فيجيبون به أنفسهم ، أو بعضهم بعضا.
وقيل : جواب للملائكة أو المؤمنين عن سؤالهم ، تذكيرا لكفرهم ، وتقريعا لهم عليه ، وتنبيها بأنّ الّذي يهمّهم هو السؤال عن البعث دون الباعث. فكأنّه قيل لهم : ليس الأمر كما تظنّون ، فإنّه ليس البعث الّذي عرفتموه هو بعث النائم من مرقده ، فيهمّكم السؤال عن الباعث ، إنّ هذا هو البعث الأكبر ذو الأهوال الشديدة ، والأفزاع العظيمة.
(إِنْ كانَتْ) ما كانت الفعلة (إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) هي النفخة الأخبرة (فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ) مجموعون في عرصات القيامة (لَدَيْنا) عند محاسبتنا إيّاهم (مُحْضَرُونَ) بمجرّد تلك الصيحة. وفي كلّ ذلك تهوين أمر البعث والحشر ، واستغناؤهما عن الأسباب الّتي ينوطان بها ، فيما يشاهده الأوّلون والآخرون.
ثمّ حكى سبحانه ما يقوله في ذلك اليوم للخلائق ، تمكينا له في نفوسهم ، وزيادة لتصوير الموعود ، وترغيبا في الحرص عليه ، فقال :
(فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً) لا ينقص من له حقّ شيئا من حقّه من الثواب أو العوض ، ولا يفعل به ما لا يستحقّه من العقاب ، بل الأمور جارية على مقتضى العدل. وذلك قوله : (وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).
(إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ (٥٥) هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ (٥٦) لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ (٥٧) سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (٥٨))