كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ) عن قبول كلمة التوحيد ، أو على من يدعوهم إليه (وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ) يعنون محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فردّ الله عليهم هذا القول بقوله : (بَلْ جاءَ بِالْحَقِ) أي : ليس بشاعر ولا مجنون ، ولكنّه أتى بالتوحيد الّذي هو حقّ قام به البرهان (وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ) بل أتى بمثل ما أتوا به من الدعاء إلى التوحيد.
(إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ (٣٨) وَما تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٣٩) إِلاَّ عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (٤٠) أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ (٤١) فَواكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ (٤٢) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٤٣) عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (٤٤) يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (٤٥) بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (٤٦) لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ (٤٧) وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ (٤٨) كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (٤٩))
ثمّ خاطب الكفّار فقال : (إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ) بالإشراك وتكذيب الرسل. ولمّا كان لقائل أن يقول : كيف يليق بالرحيم الكريم المتعالي عن النفع والضرّ أن يعذّب عبيده؟ فقال : (وَما تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي : مثل ما عملتم وعلى قدره (إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) الّذين أخلصوا العبادة لله ، وأطاعوه في كلّ ما أمرهم به ، فإنّهم لا يذوقون العذاب ، وإنّما ينالون الثواب. وهذا استثناء منقطع ، إلّا أن يكون الضمير في «تجزون» لجميع المكلّفين ، فيكون استثناؤهم عنه