الصَّالِحِينَ (١١٢) وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ (١١٣))
ثمّ أخبر سبحانه أنّ الغلام الّذي بشّره به ولد له وترعرع ، حيث قال : (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ) أي : فلمّا وجد وبلغ أن يسعى معه في أعماله. و «معه» متعلّق بمحذوف دلّ عليه السعي ، لابه ، لأنّ صلة المصدر لا تتقدّمه ، ولا بـ «بلغ» ، لأنّ بلوغهما حدّ السعي لم يكن معا. كأنّه لمّا قال : (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ) ـ أي : الحدّ الّذي يقدر فيه على السعي ـ قيل : مع من؟ فقيل : مع أبيه. وتخصيص الأب لأنّه أرفق الناس به وأعطفهم عليه ، وغيره ربما عنف به في الاستسعاء قبل أوانه ، فلا يحتمله حين عدم استحكام قوّته. أو لأنّه استوهبه لذلك. وكان له يومئذ ثلاث عشرة سنة.
(قالَ يا بُنَيَ) وقرأ حفص وحده بفتح الياء (إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ) يحتمل أنّه رأى ذلك ، وأنّه رأى ما هو تعبيره.
وقيل : إنّه رأى ليلة التروية أنّ قائلا يقول له : إنّ الله يأمرك بذبح ابنك هذا ، فلمّا أصبح روّى (١) في أنّه أمن الله أو من الشيطان؟ ومن ثمّ سمّي هذا اليوم التروية.
فلمّا أمسى رأى مثل ذلك ، فعرف أنّه من الله ، فمن ثمّ سمّي عرفة. ثمّ رأى مثله في الليلة الثالثة ، فهمّ بنحره وقال له ذلك ، فسمّي يوم النحر.
وقيل : إنّ الملائكة حين بشّرته بغلام حليم ، قال : هو إذا ذبيح. فلمّا ولد وبلغ حدّ السعي ، قيل له في المنام : أوف بنذرك.
واختلف في الذبيح على قولين :
__________________
(١) روّى في الأمر : نظر فيه وتفكّر.