وإسحاق لم يكن مقدّرا نبوّة نفسه وصلاحها حينما يوجد. ومن فسّر الذبيح بإسحاق جعل المقصود من البشارة نبوّته بعد ما امتحنه بذبحه. وفي ذكر الصلاح بعد النبوّة تعظيم لشأنه ، وإيماء بأنّه الغاية لها ، لتضمّنها معنى الكمال والتكميل بالفعل على الإطلاق.
(وَبارَكْنا عَلَيْهِ) على إبراهيم في أولاده (وَعَلى إِسْحاقَ) بأن أخرجنا من صلبه أنبياء بني إسرائيل وغيرهم ، كأيّوب وشعيب ، وأفضنا عليهما بركات الدين والدنيا ، كقوله : (وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) (١).
(وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ) في عمله. أو إلى نفسه بالإيمان والطاعة. (وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ) بالكفر والمعاصي (مُبِينٌ) ظاهر ظلمه. وفي ذلك تنبيه على أنّ النسب لا أثر له في الهدى والضلال ، بل إنّما يعاب لسوء فعله ، ويعاقب على ما اجترحت يداه. وأنّ الظلم في أعقابهما لا يعود عليهما بنقيصة وعيب.
(وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلى مُوسى وَهارُونَ (١١٤) وَنَجَّيْناهُما وَقَوْمَهُما مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (١١٥) وَنَصَرْناهُمْ فَكانُوا هُمُ الْغالِبِينَ (١١٦) وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ (١١٧) وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (١١٨) وَتَرَكْنا عَلَيْهِما فِي الْآخِرِينَ (١١٩) سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ (١٢٠) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٢١) إِنَّهُما مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (١٢٢))
ثمّ عطف سبحانه على ما تقدّم بذكر موسى وهارون ، فقال : (وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلى
__________________
(١) العنكبوت : ٢٧.