(١٤٤) فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (١٤٥) وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (١٤٦) وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (١٤٧) فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (١٤٨))
(وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ أَبَقَ) هرب. وأصله الهرب من السيّد ، لكن لمّا كان هربه من قومه بغير إذن ربّه حسن إطلاقه عليه على طريقة المجاز. (إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) المملوء من الناس والأحمال ، خوفا من أن ينزل العذاب بهم وهو مقيم فيهم (فَساهَمَ) فقارع أهله. من : استهم القوم إذا اقترعوا. (فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ) فصار من المغلوبين بالقرعة. وأصله المزلق عن مقام الظفر والغلبة.
روي : أنّه لمّا وعد قومه بالعذاب ، خرج من بينهم قبل أن يأمره الله ، فركب السفينة فوقفت. فقالوا : هاهنا عبد آبق من سيّده. وهذا ممّا يزعم البحّارون من أنّ السفينة إذا كان فيها آبق لم تجر. فاقترعوا ، فخرجت القرعة عليه ثلاث مرّات. فقال : أنا الآبق ، فألقى نفسه في الماء.
(فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ) فابتلعه من اللقمة. وقيل : إنّ الله سبحانه أوحى إلى الحوت : أنّي لم أجعل عبدي رزقا لك ، ولكن جعلت بطنك له محبسا ، فلا تكسرنّ له شعرا ، ولا تخدشنّ له جلدا. (وَهُوَ مُلِيمٌ) داخل في الملامة. أو آت بما يلام عليه. أو مليم نفسه على خروجه من بين قومه بغير أمر ربّه. وعندنا أنّ ذلك إنّما وقع منه تركا للمندوب ، وقد يلام الإنسان على ترك الندب. ومن جوّز الصغيرة على الأنبياء ، قال : وقع ذلك منه صغيرة مكفّرة.
واختلف في مدّة لبثه في بطن الحوت ، فعن مقاتل بن حيّان : كانت ثلاثة أيّام. وعن عطاء : سبعة. وعن الضحّاك : عشرين. وعن السدّي ومقاتل بن سليمان