أو تقلّبك في أصلاب الموحّدين ، حتّى أخرجك نبيّا من صلب أبيك ، من نكاح غير سفاح ، من لدن آدم عليهالسلام. وهو المرويّ عن أئمّة الهدى عليهمالسلام.
قال النيشابوري : «قد احتجّ بالآية علماء الشيعة في مذهبهم أنّ آباء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يكونون كفّارا. قالوا : أراد : تقلّب روحه من ساجد إلى ساجد ، كما في الحديث المعتمد عليه عندهم : «لم أزل أنتقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات». وناقشهم أهل السنّة في التأويل المذكور ، وفي صحّة الحديث. والأصوب عندي أن لا نشتغل بمعنى أمثال هذه الدعوى ، ونسرح إلى بقعة الإمكان. على أنّه لا يلزم من عدم الدليل عدم المدلول» (١). انتهى كلامه ، وما أنصفه. (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) لما تقوله (الْعَلِيمُ) بما تنويه.
(هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ (٢٢١) تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٢٢٢) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ (٢٢٣))
ولمّا أخبر الله سبحانه أنّ القرآن ليس ممّا تتنزّل به الشياطين ، وأنّه وحي من الله ، عقّبه بذكر من تنزّل عليه الشياطين ، فقال : (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ * تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ) أي : يتنزّل على كلّ كذّاب فاجر ، كثير الإثم ، عامل بالمعاصي. وهم الكهنة. وقيل : طليحة ومسيلمة. وأنت لست بكذّاب ولا أثيم ، فلا تتنزّل عليك الشياطين ، بل تتنزّل عليك الملائكة.
وإنّما دخل حرف الجرّ على «من» المتضمّنة لمعنى الاستفهام ، والاستفهام له
__________________
(١) تفسير غرائب القرآن ٥ : ٢٨٨.