غَيْرَ بَعِيدٍ فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (٢٢) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ (٢٣) وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ (٢٤) أَلاَّ يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ (٢٥) اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٢٦))
ولمّا بيّن قصّة النمل أخبر عن قصّة الهدهد ، فقال : (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ) وتعرّفها فلم يجد فيها الهدهد (فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ) «أم» منقطعة ، فإنّه لمّا نظر إلى مكان الهدهد فلم يره ، ظنّ أنّه حاضر ولا يراه لساتر أو غيره ، فقال : مالي لا أراه. ثمّ احتاط فلاح له أنّه غائب ، فأضرب عن ذلك وأخذ يقول : أهو غائب؟ كأنّه يسأل عن صحّة ما لاح له. ونحوه قولهم : إنّها لإبل أم شاء. والكلام من باب صنعة القلب. والأصل : ما للهدهد لا أراه؟ كقولهم : مالي أراك كئيبا؟ أي : مالك كئيبا؟
روي : أنّ سليمان عليهالسلام حين تمّ له بناء بيت المقدس تجهّز للحجّ بجنوده ، فوافى الحرم وأقام به ما شاء. وكان يقرّب كلّ يوم طول مقامه بخمسة آلاف ناقة ، وخمسة آلاف بقرة ، وعشرين ألف شاة. ثمّ عزم على السير إلى اليمن ، فخرج من مكّة صباحا يؤمّ سهيلا ، فوافى صنعاء وقت الزوال ـ وذلك مسيرة شهر ـ فرأى أرضا حسناء أعجبته خضرتها ، ليتغدّى ويصلّي ، فلم يجدوا الماء. وكان الهدهد