(سَنَنْظُرُ) سنتعرّف ، من النظر بمعنى التأمّل (أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ) أي : أم كذبت. والتغيير للمبالغة ، لأنّه إذا كان معروفا بالانخراط في سلك الكاذبين كان كاذبا ، ولمحافظة الفواصل.
ثمّ كتب سليمان كتابا منطوقه : بسم الله الرّحمن الرّحيم ، من عبد الله سليمان بن داود إلى بلقيس ملكة سبأ : السلام على من اتّبع الهدى. أمّا بعد ، فلا تعلوا عليّ وأتوني مسلمين. وكانت كتب الأنبياء جملا لا يطيلون ولا يكثرون. وطبع الكتاب بالمسك ، وختمه بخاتمه ، ودفعه إليه فقال : (اذْهَبْ بِكِتابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ) تنحّ عنهم إلى مكان قريب تتوارى فيه (فَانْظُرْ ما ذا يَرْجِعُونَ) ماذا يرجع بعضهم إلى بعض من القول؟
وإيراد لفظ الجمع لأجل أنّ الهدهد قال : وجدتها وقومها يسجدون للشمس ، فقال : فألقه إلى الّذين هذا دينهم ، اهتماما منه بأمر الدين ، واشتغالا به عن غيره.
روي : أنّ الهدهد وضع الكتاب في منقاره ، ومضى به إلى سبأ ، ودخل على بلقيس من كوّة بيتها مستقبلة للشمس ، تقع الشمس عند ما تطلع فيها ، فإذا نظرت إليها سجدت. فجاء الهدهد إلى هذه الكوّة فسدّها بجناحه ، فارتفعت الشمس ولم تعلم ، فقامت تنظر ، فرمى الكتاب إليها.
وقيل : كانت راقدة في قصرها ، وكانت إذا رقدت غلّقت الأبواب ووضعت المفاتيح تحت رأسها ، فدخل من كوّة وطرح الكتاب على نحرها وهي مستلقية ، وقيل : نقرها فانتبهت فزعة.
وقيل : أتاها والقادة والجنود حواليها ، فرفرف ساعة والناس ينظرون حتّى رفعت رأسها ، فألقى الكتاب في حجرها ، وكانت قارئة كاتبة عربيّة ، فلمّا رأت الخاتم ارتعدت وخضعت ، فتوجّهت إلى قومها.
(قالَتْ) لهم (يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ) لكرم مضمونه أو