بعضها إلى بعض على ما تبين من أمر الأشياء الفاعلة والمنفعلة ولما كان كل واحد منها يوجد لها تضاد عند كل واحد منها إذ كانت فصولها إنما هي في التضاد؛ فمنها ما يضاد بعضها بعضا بالفصلين اللذين بهما تقومت ، مثل النار والماء فإنهما يتضادان بالرطوبة واليبوسة والحرارة والبرودة ، ومثل الهواء والأرض يتضادان بالرطوبة واليبوسة والبرودة والحرارة؛ ومنها ما يتضاد بأحد فصليهما اللذين يقومانها مثل الهواء والنار فإنهما يتضادان باليبوسة والرطوبة فقط مثل النار والأرض فإنهما يتضادان بالبرودة والحرارة فقط وكذلك الماء والأرض يتضادان بالرطوبة واليبوسة فقط. وإذا كان كل واحد منها يضاد كل واحد ، فواجب أن يتكون كل واحد منها من كل واحد وإذ قد تبين أن كل واحد منها يتكون عن كل واحد ، فقد يوقف بسهولة على جهات تكوّن بعضها من بعض ، فنقول إن هذه الاسطقسات الأربع لما كان منها ما تشترك في فصل وتتضاد في فصل ، وهذه هي المتتالية؛ ومنها ما يتضاد في فصلين وهذه هي الغير / متتالية مثل النار والماء والهواء والأرض ، فواجب (١) أن يكون الكون والفساد فيها على نوعين : اما بين التي تتضاد بفصل واحد فبفساد مضادة واحدة ، مثال ذلك ان النار إنما تتكون هواء بأن يفسد منها اليبوسة فقط وتبقى الحرارة ، وهذا أسهلها تكونا إذ كان الفساد فيها في مضادة واحدة؛ واما التي تتضاد بفصلين فبفساد ذينك الفصلين ، مثال ذلك أن النار إنما تتكون ماء بفساد الحرارة إلى البرودة واليبوسة إلى الرطوبة ، وهذا هو أعسر الكونين فسادا إذ كان في فصلين متضادين. ولما كان
___________________
١ ـ فواجب منّي ؛ ويجب : من الأصل.