بجهة صحيحة في كيفية تولد المركبات من هذه البسائط ، مثل تولد اللحم والعظم ، وتولد البسائط عن المركبات على جهة الانحلال. إذ كان ليس يمكنهم أن يقولوا في ذلك إلا جهة واحدة وهي جهة تركيب الحائط من اللبن والحجارة وانتزاع اللبن والحجارة من الحائط. وهذا الوجه يلزمه شناعات كثيرة إحداها ما تقدم وهو أن يكون الاختلاط تركيبا لأجزاء صغار إلا انها غير محسوسة فيكون ما هو اختلاط عند إنسان ليس هو اختلاط عند من هو أحدّ بصرا منه؛ والثانية انه يلزمهم ألا يكون كل جزء من اللحم يتولد منه ماء ونار وهواء وسائر الباقية كما هو المحسوس من أمرها وذلك أنه ليس كل جزء من أجزاء الحائط يخرج منه لبن وحجارة بل اللبن يخرج من موضع منه والحجارة من موضع آخر. فإن كان تولد المتولدات عنها تركيبا فإما الا يتولد عن كل جزء من أجزاء اللحم ماء وأرض وإما أن يتولد فيجوز أن يداخل جسم جسما ولو كان انحلال المركبات إلى الاسطقسات بهذه الجهة لم يكن ضرورة الكون استحالة / ولا كان بالجملة يوجد شيء في باب الكيف بل كل جزء كما يقول أرسطو من لحم يمكن أن يتولد منه نار وسائر الباقية مثلما أن الجزء من الشمع ممكن فيه على السواء أن يقبل شكلا مخروطا وشكلا مستديرا وشكلا مستقيم الأضلاع ، وإن كان هذا إمكانا على جهة القبول وذلك إمكان على جهة الانحلال. وأما من يقول بتغير الاسطقسات بعضها إلى بعض فقد يظن انه أيضا يدخل عليه شك أكثر من هذا الشك ، اما أولا فإن أولئك قد يمكنهم بجهة ما أن يقولوا كيف تتولد المركبات منها وأما هؤلاء فلما كانوا يضعون تكوّن هذه الاسطقسات بعضها إلى بعض إنما هو من قبل الهيولى المشتركة فقد يعسر عليهم