٣٦ ـ قال :
فأما نحن فقد لخصنا فيما سلف السبب العام الهيولاني ولخصنا أيضا الصورة ونحن نلخص السبب الثالث للكون والفساد وهو الفاعل فنقول :
أنه لما كان قد تبين أن حركة النقلة أزلية دائما متصلة ، فقد يجب لذلك أن يكون الكون متصلا دائما ، وذلك أن النقلة تفعل الكون بأن تدني الكائن من المكون والمكون من الكائن. وذلك أيضا واجب لها من طريق أنها أقدم التغيرات على ما تبين قبل. وذلك ظاهر أيضا من قبل أن المتحرك بهذه الحركة موجود والمتكون قبل تكونه غير موجود ، والموجود أحرى وأولى بأن يكون سببا لغير الموجود في وجوده من أن يكون غير الموجود سببا للموجود أو أن يكون الموجود لا دائما سببا للموجود دائما. فمن هاهنا يظهر أن النقلة أقدم الحركات ، التقدم الذي بالطبع. لكن لما كنا قد بينا فيما سلف أنه يلحق الأمور دائما الكون والفساد ، وأن كون الكائن هو ضرورة فساد للمتكون منه ، فمتى قلنا أن سبب التكون هو النقلة. فمن البين أنه ليس يمكن أن تكون النقلة وهي واحدة تفعل هذين الفعلين المتضادين أعني الفساد والكون. وذلك أن الشيء الواحد بعينه الواحد بحاله فإنما شأنه أبدا أن يفعل شيئا / واحدا بعينه لا شيئين متضادين ، فيجب أيضا على هذا أن قولنا (١) ان النقلة لها فعل في ذلك أن تكون تفعل أحدهما إما كونا دائما وإما فسادا دائما ، أو نقول أن هاهنا نقلتين متضادتين وحركتين متغايرتين تفعل إحداهما الكون والأخرى
_________________
١ ـ قولنا : أ ؛ قلنا : ب.