بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
ثقتى بالله وحده :
الحمد للّه رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله أجمعين وحسبنا اللّه ونعم الوكيل.
إنّ العالم إنما يصير مضافا إلى الشىء المعلوم بهيأة تحصل فى ذاته ، وليس الحال فى العالمية كالحال فى التيامن والتياسر الذي إذا تغير الأمر الذي (١)كان متيامنا لم يتغيّر هيأة فيمن كانت له هذه الإضافة إلا نفى هذه الإضافة ، أعنى التيامن ، فإن الإضافة قد تكون بهيأة فى المضاف والمضاف إليه ، كالحال فى العاشق والمعشوق والعالم والمعلوم ، وقد لا تكون بهيأة كالحال فى التيامن. فإن العالم يبطل علمه ببطلان هيأة كانت الإضافة بينه وبين المعلوم بسببها ، والمتيامن لا تبطل منه هيأة ثم يبطل ببطلانها التيامن ، فالإضافة بالحقيقة ، عارضة لتلك الهيأة التي فى العالم والعاشق ، لا أن تلك الهيأة هى نفس الإضافة. والعلم هيأة تحصل فى العالم توجد مع وجود المعلوم وتبطل مع عدمه ، فبطلان العلم مع عدم ذات الشىء المعلوم يعنى الأمر الذي له المعلوم صفة ، وهو الذي من خارج ، بل العالمية أمر زائد على التضايف الذي بينهما. ألا ترى أن المعدوم أيضا معلوم ولا ذات له من خارج؟ فللعالم مع كل معلوم هيأة خاصة ، فالعلم ليس هو وجود المعلوم فى ذاته؛ إذ ليس وجود الشىء فى ذاته سببا لحصول العلم ، وإلا لم يكن علم بالمعدوم ، بل العلم وجود هيأة فى ذات العالم : فالشيء إذا كان معلوما ثم يصير لا معلوما فالحالة تتغير فى العالم ، لا النفس الإضافة مطلقة.
فواجب الوجود لو كان علمه زمانيا أعنى زمانا مشارا إليه حتى يعلم أن الشىء الفلانى فى هذا الوقت غير موجود وغدا يكون موجودا ـ كان علمه متغيرا. فإنه كما أن هذا الشىء غير موجود الآن ويصير موجودا غدا ، كذلك العلم به إما أن يعلمه كذلك فيكون متغيرا ، وإما أن يكون علمه غدا كعلمه فى هذا اليوم فلا يكون علما ، فإنه يكون
________________
١) ب : فى الذي