لا يصح فى الأول أن يعلم الأشياء من وجودها فإنه يلزم أن يكون قبل وجودها لا يعلمها ، وإذا علمها بعد أن لا يعلمها يكون قد تغير منه شىء ويكون حصل فيه شىء لم يكن له. وكذلك إذا بطل ذلك الشىء بطل علمه فيكون قد تغير منه شىء فهو يعلم الأشياء على الإطلاق ودائما. لا يعلمها بعد أن لم يكن يعلمها ، فيحدث فيه تغير.
المقول على كثيرين مختلفين بالنوع هو محمول على الجنس «حمل على» فيقال الجنس : هو المقول على كثيرين مختلفين بالنوع وليس حمل الجنس على ، المقول على كثيرين مختلفين «حمل على» ، فيقال : المقول على كثيرين مختلفين هو جنس بل الجنسية عارضة له. وهذا كما يقال الإنسان نوع فإن النوعية عارضة للإنسان ، والإنسان من حيث هو إنسان ليس نوعا.
الذي يدل دلالة التضمن هو أن يكون جزءا من الشىء كما يدل النوع على الجنس إذ كان الجنس جزءا من النوع.
كلية الأجزاء وحدة تحدث بها الأجزاء ، فهى بها وحدة وجملة ، وذلك كالعشرية مثلا فإنها وحدة.
العدم يقال على وجهين : عدم له نحو من الوجود ، وهو ما يكون بالقوة فيخرج إلى الفعل ، وعدم لا صورة له البتة وهو ما يكون بالطبع ، وهو خلاف الأول فإنه ليس من شأنه أن يكون البتة كما يقال : الإنسان عدم الفرس.
النفس الإنسانية مطبوعة على أن تشعر بالموجودات ، فبعضها يشعر بها بالطبع وبعضها تقوى على أن تشعر بها بالاكتساب. فالذى بالطبع؛ فهو حاصل لها بالفعل دائما ، فشعورها بذاتها بالطبع ، فهو من مقوماتها فهو لها بالفعل لم يزل. فأما شعورها بأنها تشعر بذاتها فهو لها بالاكتساب ، ولذلك قد لا يعلم أنها شعرت بذاتها ، وكذلك سائر ما يقوى على أن يشعر بها ، وذلك ما هو غير حاصل له ويحتاج إلى استحصاله. ويشبه أن يكون تصريفها للحد العملى وللقوى البدنية بالطبع ، وللحد النظرى بالقوة. وتصريفها للقوى وإن كان طبيعيا لها فإن تصريفها لها على جهة السداد يكون باكتسابها كحالها فى القياس واستعماله.
النفس الإنسانية مفتتة إلى قوتين : نظرية وعملية ، والعملية تسمى قوة شوقية وهى تفتت إلى قوى كثيرة هى المصرفة لجميعها فى البدن. وهذه القوة هى التي أمر بتزكيتها وتهيئتها لأن تكون لها ملكة فاضلة لئلا تجذب النفس عند المفارقة إلى مقتضى ما اكتسبته من الهيئات الرديئة.
نفس الإنسان هى فى الحياة البدنية ممنوة بالبدن ودواعيه فلا يتحقق إلا ما رآه عيانا