كان العلم به غير قابل للقسمة.
أمّا المقدّمة الثالثة ـ وهي أنّ العلم إذا لم يكن قابلا للقسمة وجب أن يكون الموصوف به غير قابل للقسمة ـ فالذى يدلّ عليه أنّ كلّ ما كان قابلا للقسمة افترض فيه جزءان ، فالعرض الحاصل فيه إمّا أن يكون بتمامه حاصلا في كل واحد من النصفين ، أو يكون بتمامه حاصلا في أحد النصفين دون الثانى ، أو يكون بعضه حاصلا في أحد نصفيه والبعض الآخر (والنصف الآخر) منه حاصلا في النصف الآخر من المحلّ (في النصف الثانى من المحل ـ خ ل) ، أو لا يكون شيء من ذلك :
أمّا الأوّل وهو أن يحصل بتمامه في هذا النصف وبتمامه في النصف الثانى فهذا يقتضى حصول العرض الواحد في محلين دفعة واحدة وهو محال. (دفعة وهو محال ـ خ ل).
وأمّا الثانى ـ وهو أن يحصل بتمامه في أحد النصفين منه دون الثانى ـ فحينئذ ننقل الكلام إلى ذلك النصف فإنّ ذلك النصف إن كان منقسما عاد الكلام فيه فيلزم أن يكون حاصلا في نصف ذلك النصف ، وبالجملة فكل ما يكون (فكل ما كان ـ خ ل) منقسما فإنّ ذلك العرض لا يكون حالا فيه ، وهذا يلزمه من باب عكس النقيض انّ ما يكون ذلك العرض حالا فيه فإنّه لا يكون منقسما.
وأما الثالث ـ وهو أن يقال بتوزع الحال على المحل ـ فهذا يقتضى انقسام الحال وقد بيّنا أنّه محال.
وأما الرابع ـ وهو أن لا يكون شيء من هذه الأقسام ـ فهذا محال وذلك لأنّه إذا كان كل واحد من أجزاء المحل خاليا عن الحالّ بالكلية ، وعن جملة أجزاء الحالّ كان كل واحد من أجزاء المحل خاليا عن الحالّ بالكلية ، ومتى كان الأمر كذلك امتنع كون المحل موصوفا بالحال والعلم به ضرورى ، فثبت أنّ الحال إذا كان غير منقسم كان المحل أيضا غير منقسم.
أما المقدّمة الرابعة ـ وهي قولنا : إنّ كل متحيز منقسم ـ فهذا بناء على مسألة نفي الجوهر الفرد وقد تقدّم القول فيه؛ وحينئذ يلزم القطع من مجموع هذه المقدّمات الأربع