أنّ الشيء الذي هو الموصوف منّا بالمعارف والعلوم موجود ليس بمتحيز ولا حال في المتحيز وهو المطلوب.
أقول : إنّه أفاد في بيان البرهان بتقرير المقدمات المذكورة ، إلّا أنّ ما قال في الثانية منها من أنّ المعلوم اذا كان غير منقسم كان العلم به غير قابل للانقسام ، فالحق أنّ المعلوم بالذات وهو الذي حاصل للإنسان في صقع ذاته غير منقسم مطلقا سواء كان المعلوم بالعرض أي الشيء الخارج عن النفس الذي تعلق التفات النفس إليه فحصلت نسبة ما بينها وبينه ، منقسما أو غير منقسم فافهم.
وقوله في الرابعة : «فهذا بناء على مسألة نفي الجوهر الفرد» بل وعلى القول به محال أيضا أن يكون محلا وموضوعا للعلم كما سيأتي البحث عن ذلك. والبراهين القاطعة ناطقة بأنّ وعاء العلم سواء كان واهبا أو متّهبا موجود بسيط عار عن المواد وأحكامها ، وإن كان التعبير عن الوعاء أو المحل أو الموضوع أو أترابها على التوسع ، والأمر أرفع من نحو هذه التعبيرات.
ثمّ أخذ الفخر بالإيراد على أنّ الحال في المنقسم منقسم فقال :
واعلم أنّا لا نسلّم أنّ كل متحيّز فهو يقبل القسمة أبدا ، وقد قدّمنا الدلائل على إثبات الجوهر الفرد؛ سلّمنا ذلك ولكن لا نسلّم أنّ الحال في المنقسم منقسم ، ويدلّ عليه وجوه :
أحدها أنّ النقطة موجودة مشار إليها غير منقسمة ، فهي إن كانت جوهرا فقد ثبت الجوهر الفرد ، وإن كانت عرضا افتقرت إلى محلّ فذلك المحل إن كان منقسما لزم انقسام النقطة لانقسام محلّها وهو محال ، وإن لم يكن منقسما فقد ثبت الجوهر الفرد.
وثانيها أنّ الوحدة عرض وهي من أشدّ الأشياء مباعدة عن الكثرة ، ثمّ الجسم قد يوصف بالوحدة فثبت (فصحّ ـ خ ل) أنّ ما لا يقبل القسمة يصحّ قيامه بالجسم.
وثالثها أن الإضافات كالأبوّة والنبوّة والأخوّة قائمة بالأجسام ، ويمتنع أن يقال : قام بنصف هيكل الأب نصف الأبوة ، وقام بثلثه ثلثها.
ورابعها أنّ الوجود صفة قائمة بالجسم ، ويمتنع أن يقال: قائم بنصفه نصف الوجود،