ثمّ أخذ الفخر في المباحث في بيان أنّ الصور العقلية يمتنع أن تحلّ شيئا منقسما من الجسم على وجوه ثلاثة وهي الأجزاء الأربعة المذكورة ، ففي الوجه الأوّل يبيّن لزوم الخلف لو كان انقسام الصور العقلية إلى أجزاء متشابهة ، ولزوم المحال لو كان الانقسام إلى أجزاء مختلفة ، فبعد ما قرّر لزوم الخلف قال :
فإن قيل : أليس أنّ الصورة العقلية قد تنقسم إلى أقسام متشابهة بإضافة زوائد كليّة إليها مثل المعنى الجنسي كالحيوان فإنّه ينقسم إلى الذي هو حصّة الإنسان ، وإلى الذي هو حصّة الفرس ، وهما أعنى الحصتين غير مختلفتين بالماهية فإنّ حيوانية الفرس بشرط التجريد عن الصاهلية مساوية لحيوانية الإنسان بشرط التجريد عن الناطقية في النوع والحقيقة فقد رأينا انقسام الأجزاء العقلية إلى أجزاء متشابهة مع أنّ تلك الأجزاء ليست ذوات مقادير جزئية وأشكال جزئية؟
فنقول : هذا جائز ولكن يكون فيه إلحاق الكلّى بالكلّى ، مثلا إلحاق الناطق بالحيوان الذي هو حصة الإنسان ويكون الإنسان الذي هو حاصل من اجتماعهما مخالفا لهما فها هنا لو كانت أجزاء الصورة العقلية كذلك لزم أن تكون كلية تلك الصورة مخالفة لكل واحد من أجزائها فيكون الانقسام حينئذ إلى جزءين مختلفين وإلا لامتنع أن يحصل من اجتماعهما ما يخالفهما؛ وبالجملة فانقسام الحيوان إلى الإنسان قسمة الكلّي إلى الجزئيات المتخالفة بالنوع ، وقسمة الصورة العقلية قسمة الكل إلى الأجزاء وبينهما فرق ظاهر.
ولقائل أن يقول : حاصل ما ذكرتموه انّه لو انقسمت الصورة العقلية إلى جزءين متشابهين فحينئذ يكون الجزء مخالفا للكل في الشكل ومقدار المحل وذلك محال.
فنقول : إن كان هذا الكلام صحيحا وجب أن يعولوا عليه في الابتداء ويقولوا : لو حلّت الصورة العقلية في الجسم لحصل لها مقدار معيّن وشكل معين بسبب محلّها وذلك محال فإذا كان هذا القدر كافيا وقع سائر ما ذكرتموه من التطويلات حشوا وضائعا ، ثمّ انّا سنبيّن ضعف هذه الطريقة. انتهى.
أقول : صاحب الأسفار أتى بما في المباحث من السؤال والجواب المذكورين فقال :