المعلوم أو أجزاؤه فإن كان كلّه لزم أن يكون جزء الشيء مساويا لكلّه من جميع الوجوه وذلك محال ، وإن بعض ذلك المعلوم فقد بينا أنّ الحقائق لا بعض لها ولا جزء.
ولقائل أن يقول : العشرية هيئة متحدة حاصلة للمجموع المتألف من تلك الآحاد فمحلّ تلك الهيأة أمور متكثرة فإذا لم يجب انقسام العشرية بسبب انقسام محلّها فكيف يلزم انقسام العلم بالعشرية بسبب انقسام ذلك المحل؟ وبالجملة فإن كانت العشرية قابلة للقسمة جاز أن ينقسم العلم ويكون خرء العلم متعلقا بجزء العشرية ، وإن كانت العشرية غير قابلة للقسمة مع أنّ محلها متكثر فحينئذ لا يلزم من انقسام المحل انقسام الحال وذلك يقدح في أصل الحجة. انتهى.
أقول : حيثية الوحدة العشرية من حيث هي وحدة عشرية غير قابلة للقسمة أصلا ، وهي حقيقة كانت حقيقة العشرية بها هي؛ فهي عشرة كلية عقلية كسائر الكليات العقلية ، فالعشرة الكلية العقلية صورة واحدة والكثرة تعرضها باعتبار آخر كاعتبار محلّها الذي هو الآحاد المتألفة منها العشرة ، أو اعتبار جنس العشرة الذي هو الكثرة ، وليست العشرة هي عين الكثرة وإلّا كانت كل كثرة عشرة ، وبالجملة أنّ العشرة نوع من أنواع العدد وكل نوع له وحدة نوعية هو بها هو ، والشيء من حيث هو ليس إلّا هو؛ فالعشرية لا تنقسم إلى أجزاء متشابهة ولا مختلفة.
وأمّا صاحب الأسفار فحرّر الوجه الثانى المذكور مع مزيد توضيح في أثناء التحرير ثمّ أتى بإيراد عليه وتحقيق حوله وهي ما يلى :
الوجه الثاني في امتناع القسمة على الصورة العقلية أن نقول : لكل شيء حقيقة هو بها هو ، وتلك الحقيقة لا محالة واحدة وهي غير قابلة للقسمة أصلا فإنّ القابلة للقسمة يجب أن تبقى مع القسمة ، والعشرة من حيث إنّها عشرة لا تبقى مع الانقسام فإنّ الخمسة ليست جزءا للعشرة بما هي نوع من الأنواع العددية بل هي جزء من كثرة الوحدات وليس للعشرة بما هي حقيقة واحدة جزء فإذا انقسمت العشرة وحصلت الخمستان فهما جزءان للعشرة بما هي كثيرة لا بما هي واحدة ، والكثرة فيها بالنسبة إلى المعدود لا بالنسبة إلى نفسها فإنّ العشرة من الناس كثرة للواحد من الناس