على معنى عدمي وهو النفاد والانقطاع بخلاف العلم فإنّه كمال للذات الموصوفة به.
وأمّا اندفاع النقض بالوحدة فقد علمت مرارا أنّ وحدة الجسم تقبل الانقسام لأنّها نفس اتصاله وامتداده ، وكذا وجوده فإنّه عين جسميته؛ والعجب أنّ وحدة الجسم تنقسم بعين انقسام الجسم بالذات لا بالعرض كسائر العوارض التي تنقسم بانقسام المحل بالعرض لا بالذات كالسواد مثلا لأنّ وحدة الجسم نفس وجوده وعين هويّته الشخصية.
وامّا اندفاع الثالث فالإضافات لا نسلّم أنّ جميعها غير منقسمة بالتبع بل التي تعرض الأجسام على ضربين : منها ما يعرض للجسم بما هو جسم كالمحاذاة والمماسة وغيرها فهي منقسمة بانقسام المحل فانّ محاذاة نصف الجسم نصف محاذاة كل الجسم ، ومحاذاة ربعه ربع محاذاة كلّه. ومنها ما يعرض للجسم لا من حيث جسميته بل من حيث معنى آخر تنضاف إليه فهي لا يلزم أن تكون منقسمة بانقسام محلّه كأبوّة زيد مثلا فإنّها غير عارضة له من حيث جسميته ومقداريته بل من جهة أخرى كقوّة فاعلية نفسانية مقتضية للتوليد.
وأمّا اندفاع الرابع فقد سبق أنّ القوّة الوهمية مجرّدة عن المادة لاعن إضافتها ، وكذلك حكم مدركاتها. انتهى.
أقول : الاعتراضات ـ كما أشرنا اليها ـ خمسة اتى بها الفخر في المباحث. وظاهر عبارة الأسفار يوهم انّها أربعة ، ولكنّ الاعتراض الخامس هو صريح ما في المباحث ، وفي الأسفار أشير إليه في ضمن الجواب عن الأوّل حيث قال في آخر الاندفاع : «بخلاف العلم فإنّه كمال للذات الموصوفة به» ولا يخفى عليك أنّ ارتباط قوله هذا أعنى بخلاف العلم بما قبله في بادئ النظر لا يخلو من دغدغة فإنّه يسأل عن إيراده بلا سبق سؤال واعتراض فيه ، ولكن بعد الرجوع إلى المباحث يعلم أنّه سؤال آخر وأجاب الفخر عن النقطة وفي ضمنه عن العلم ثمّ أجاب عن الاعتراضات الثلاثة الأخرى بعد ذلك؛ وصاحب الأسفار أيضا أجاب عن النقطة والعلم على حذوه بلا ذكر الاعتراض في العلم فنأتى بما في المباحث ، قال : «والاعتراضات الواقعة على هذه