الأوّل أنّ القوّة العاقلة تعقل البسائط ، ضرورة انّ معقولاتها إمّا بسائط أو مركبات ، وكيف كان لا بدّ من تعقل البسائط ويلزم منه أن تكون مجرّدة وإلّا لكانت قابلة للقسمة وكما مرّ فيكون البسيط أيضا قابلا لها ، لأنّ الحال في أحد جزئيها يكون غير الحال في الجزء الآخر.
وقال العلّامة الحلّي في إيضاح المقاصد من عين القواعد المعروف بـ : شرح حكمة العين في بيان الدليل المذكور :
شرع في النفس الناطقة التي هي أحد أنواع الجوهر ، وقد استدل على ثبوتها بوجوه : الأوّل أنّ القوّة العاقلة تعقل معقولات غير منقسمة هي البسائط والتعقل يستدعى الحلول ، ويلزم من عدم انقسام الحال عدم انقسام المحل ، والقوّة العاقلة هي النفس فيلزم عدم انقسام النفس فتكون مجرّدة ، فإنّ كل متحيز وكل حال فيه منقسم. فهذا الدليل يتوقف على مقدمات :
إحداها : عدم انقسام بعض المعقولات وهو ظاهر فانّا نعقل شيئا فإمّا أن يكون بسيطا غير منقسم وهو المطلوب ، أو يكون مركبا منقسما إلى أجزاء فتلك الأجزاء إن كانت بسائط ثبت المطلوب ، وإن كانت مركبات تسلسل وهو محال فلا بدّ من الانتهاء إلى ما لا ينقسم؛ ولأنّا نعقل الوحدة والنقطة والآن وواجب الوجود تعالى وكل هذه غير منقسمة.
الثانية : أنّ التعقل يستدعى حلول المعقول في العاقل وذلك سيأتي فيما بعد.
الثالثة : أنّ المحل لما لا ينقسم غير منقسم ، وبيانه : أنّ المحلّ لو انقسم فإمّا أن يحلّ الحالّ في كلّ جزء أو في بعض الأجزاء ، أو يحلّ في كل جزء شيء من الحال ، أو لا يحلّ هو ولا شيء منه في أجزاء المحلّ؛ والأوّل باطل وإلّا لزم تعدد الحال بحسب تعدد أجزاء المحلّ؛ والثانى باطل لأنّه إن كان منقسما عاد البحث وإلّا فهو المطلوب؛ والثالث باطل لاستلزامه انقسام ما فرضناه غير منقسم؛ والرابع باطل وإلّا لم يكن الحال حالّا في ذلك المجموع وهو خلاف التقدير.
الرابعة : أنّ كل متحيز وكل حال فيه منقسم وذلك انّما يظهر بعد بطلان الجوهر الفرد ،