فإذن محلّ المعقولات أعنى النفس ليست ذات وضع. انتهى.
أقول : ما في حكمة العين من البراهين على إثبات النفس الناطقة وتجرّدها تنتهي إلى خمسة ، وقال العلّامة الحلّي في شرحه إيضاح المقاصد : انّ تلك البراهين منقولة عن القدماء. فالبرهان المذكور في الشفاء منقولة عنهم إلّا أنّ الشيخ حرّره على التفصيل والتبيين اتم تحرير.
وإلى هذا الدليل المذكور يرجع أيضا الدليل الرابع من الحكمة المنظومة للحكيم السبزوارى على تجرّد النفس الناطقة ، حيث قال :
ودركها للصور البسيطة |
|
كالوحدة والعلة المحيطة |
ثمّ قال في الشرح :
بيانه أنّ النفس تدرك المعقولات التي يستحيل عليها القسمة كالوحدة الحقيقة ، وكعلة العلل ، وكالبسائط التي يتألّف منها المركبات لأنّ كل كثرة لا بدّ وأن ينتهى إلى البسيط فلو كانت النفس جسما أو جسمانية كمقدار ، أو منطبعة في مقدار كانت قابلة للقسمة إلى غير النهاية فلزم أن يكون الصورة البسيطة التي فيها منقسمة بل غير متناهية الانقسام هذا خلف. وأيضا لم يكن العلم مساويا للمعلوم لأنّ كل جزء من العلم إمّا يكون متعلقا بتمام المعلوم فيلزم مساواة كل العلم وجزئه ، وإمّا أن يكون متعلقا ببعضه فلا بعض له. (ص ٣٠١ ، ط ١).
وقد اعترض الكاتبى في حكمة العين على الدليل المذكور بقوله : «انّ ذلك يلزم أن لو كان الحلول حلول السريان وهو ممنوع». وقال العلّامة الحلى في شرحه عليه :
اعترض على الدليل بالطعن في المقدمة الرابعة؛ وتقريره : أنّا لا نسلّم أنّ الحالّ في المنقسم يجب أن يكون منقسما مطلقا ، بل إذا كان الحلول على نعت السريان والشياع بحيث يكون أجزاء ذلك المحل مشغولة بشيء من ذلك الحال مثل السواد والجسم ، أمّا إذا كان الحلول لا على نعت السريان لم يلزم من انقسام المحل انقسام الحال فإنّ الأبوّة حالّة في الأب ، ولا يقال إنّ نصفها حال في نصفه؛ وكذلك الوحدة والنقطة والآن ، لأنّ الحلول لا على نعت السريان ، فلم لا يكون الحال في المتعقل كذلك. انتهى.