ثمّ قال الشيخ :
وأيضا إذا انطبعت الصورة الأحدية الغير المنقسمة التي هي الأشياء غير منقسمة في المعنى في مادة منقسمة ذات جهات فلا يخلو إمّا أن لا تكون ولا لشيء من أجزائها التي تفرض فيها بحسب جهاتها نسبة إلى الشيء المعقول الواحد الذات الغير المنقسم المجرّد عن المادة؛ أو تكون لكل واحد من أجزائها التي تفرض نسبة؛ أو تكون لبعض دون بعض.
فإن لم تكن ولا لشىء منها فلا لكلّها فإنّ ما يجتمع عن مباينات مباين.
وإن كان لبعضها دون بعض فالبعض الذي لا نسبة له ليس هو من معناه في شيء.
وإن كان لكل جزء يفرض نسبة ما ، فإمّا أن تكون لكل جزء يفرض فيه نسبة إلى الذات كما هي ، أو إلى جزء من الذات؛ فإن كان لكلّ جزء يفرض نسبة إلى الذات كما هي فليست الأجزاء إذن أجزاء معنى المعقول بل كل واحد منها معقول في نفسه مفردا. وإن كان كل جزء له نسبة غير نسبة الجزء الآخر إلى الذات فمعلوم أنّ الذات منقسمة في المعقول وقد وضعناها غير منقسمة هذا خلف. فإن كان نسبة كل واحد إلى شيء من الذات غير ما إليه نسبة الآخر فانقسام الذات أظهر.
ومن هذا تبيّن أنّ الصور المنطبعة في المادة الجسمانية لا تكون إلّا أشباها لأمور جزئية منقسمة ولكلّ جزء منها نسبة بالفعل أو بالقوة إلى جزء منه.
أقول : هذا تمام كلام الشيخ في البرهان الثالث.
وقوله : «إذا انطبعت الصورة الأحدية الغير المنقسمة» كصورة الوحدة ، والنقطة ، والجوهر الذي هو الجنس العالى.
والضمير في قوله : «ولا لكل واحد من أجزائها» وكذا في قوله : «أو تكون لكل واحد من أجزائها» راجع إلى قوله «مادة منقسمة ذات جهات».
وقوله : «نسبة إلى الشيء المعقول ...» مرفوع اسم لقوله : «إمّا أن لا تكون».