من نفس الأسفار (ج ٤ ، ص ٧٣ ، ط ١) ؛ والدليل الخامس من الحكمة المنظومة للحكيم السبزوارى (ص ٣٠٢ ، ط اعلى) ؛ والبرهان الخامس من أسرار الحكم للحكيم المذكور (ج ١ ، ص ٢٤٦ ، بتصحيح الأستاذ العلّامة الشعرانى).
قال المحقق الطوسى في شرح الفصل المذكور من الإشارات ما هذا لفظه :
هذه حجة ثالثة وهي أوضح من المذكورتين قبلها. وهي مبنية على قضية واضحة هي أنّ كل فاعل ليس له فعل إلّا بتوسط آلة فلا فعل له في شيء لا يمكن أن يتوسط آلته بينه وبين ذلك الشيء ، ويتفرع منه مقدمة هي كبرى هذه الحجة وهي قولنا : كل مدرك بآلة جسمانية فلا يمكنه أن يدرك ذاته ولا آلته ولا إدراكه فإنّ الآلة الجسمانية لا يمكن أن تتوسط بينه وبين هذه الأمور؛ وصغراها قولنا : والعاقلة مدركة لذاتها ، ولإدراكاتها ، ولجميع ما يظن أنّها آلاتها؛ والنتيجة قولنا : فليست العاقلة مدركة بآلة جسمانية. واعتراض الفاضل الفاضل الشارح على ذلك بتجويز تعلق المدركة الجسمانية بنفسها وبما عداها مندفع بما مر في النمط السادس من امتناع صدور الأفعال عن القوى الحالّة في الأجسام من غير توسط تلك الأجسام. والشيخ أنّما تمثّل بالقوى الحسّاسة التي لا يمكن لها أن تدرك أنفسها ، ولا آلاتها ولا إدراكاتها لإيضاح فساد الحكم على القوى الجسمانية المدركة بإدراك كل شيء. انتهى كلامه في الشرح.
بيان : قول الشيخ : «ولم يكن له فعل في آلة». المراد من الفعل هاهنا الإدراك والتعقل. وقوله : «لأنّها لا آلات لها إلى آلاتها» أي لأنّ القوى الحسّاسة لا آلات لها تتوسط تلك الآلات بين القوى الحسّاسة وآلاتها وإدراكاتها. وممّا أفاد القطب في المحاكمات في بيان حاصل الحجة أنّ القوة العاقلة تدرك نفسها وإدراكاتها وآلاتها ، وكلّ قوة لا تدرك إلّا بالآلة لا تدرك نفسها ولا آلاتها لامتناع أن يتوسط الآلة بين الشيء ونفسه ، وبين الشيء وإدراكاته ، وبينه وبين الآلة. ويمكن أن توجه بقياس استثنايى فيقال : لو كانت القوّة العاقلة لا تدرك إلّا بالآلة لما عقلت نفسها ولا إدراكاتها ولا آلتها لكنها تعقل نفسها وإدراكاتها وجميع ما يظنّ به أنّه آلتها كالقلب والدماغ