فليست القوّة العاقلة مما لا تدرك إلّا بالآلة. وقوله : «لأنّها لا آلات لها إلى آلاتها» وإلّا لزم التسلسل في الآلات.
قول المحقق الشارح : «مندفع بما مرّ في النمط السادس» كما أنّ الشيخ بعد البحث عن تأثير المقارنات وتأثرها من النمط السادس قال في الفصل السادس والثلاثين منه المعنون بقوله : «تذنيب قد استبان أنّه ليست الأجسام ...» ما هذا لفظه :
وأنت إذا فكّرت مع نفسك علمت أنّ الأجسام أنّما تفعل بصورها ، والصور القائمة بالأجسام والتي هي كمالية لها أنّما تصدر عنها أفعالها بتوسط ما فيها قوامها إلخ.
وأقول : يعنى بالتي هي كمالية لها الأعراض والنفوس. أمّا الأعراض فالأمر فيها بين من كونها كمالات ثانية. وأمّا النفوس فلأنّ النفس كمال أوّل لجسم طبيعى آلى ذى حيوة بالقوّة كما تقدّم في العين الثانية. والمراد من صدور أفعالها عنها بتوسط ما فيها قوامها ، صدورها عن الأجسام من حيث أفعالها الآلية لا مطلق أفعالها كالتعقل وإدراك ذاتها وآلاتها وذلك لأنّ النفوس الإنسانية من المفارقات بل الحيوانية أيضا لها تجرّد برزخى. وأمّا في الأعراض فصدورها عنها بتوسط ما فيها قوامها مطلقا.
وقوله : «والشيخ أنّما تمثل ...» يعنى لما كان عدم إدراك القوى الحساسة أنفسها وآلاتها وإدراكاتها أمرا واضحا تمثل الشيخ بها لإيضاح فساد الحكم على القوى الجسمانية المدركة ، بأنّها مدركة كل شيء؛ لا أن الشيخ أثبت مدّعاه بالتمثيل المنطقى حيث تمسّك بالقوى الحساسة ، وبالجملة أنّ التمسّك بها على سبيل التمثّل لا على سبيل التمثيل.
اعلم أنّ صاحب المعتبر وكذلك صاحب المباحث قد اعترضا على الحجة وأطالا في الاعتراض بلا طائل تحته. وصاحب الأسفار بعد تقرير الحجة على سياق ما في المباحث أجاب عن اعتراضه مع ما فيه من مزيد استبصار في تجرّد الخيال أيضا.
فنذكر ما في المباحث أوّلا ، ثمّ نتبعه بما في الأسفار ، وبعد ذلك نحكى تقرير ما في المعتبر ، ثمّ نهدى اليك جواب اعتراضه. قال في المباحث :
الدليل الثامن قالوا : النفس غنية في أفعالها عن المحلّ ، وكل ما كان غنيا في فعله عن