قوله : «يفتقر إلى حصول صورة أخرى مساوية للصورة الأولى وحينئذ يجتمع صورتان في محلّ واحد».
قلنا : لا يلزم من عدم الاكتفاء بالصورة الأولى افتقاره إلى صورة أخرى لجواز أن يتوقف الإدراك على حصول شرط غير حصول صورة ثانية فلا يلزم اجتماع صورتين لمعقول واحد.
أقول : انتهى تقرير الاعتراض. والعبارة من العلّامة الحلى في شرحه على حكمة العين ، وبعد تقريره هذا اعترض على اعتراض الكاتبى بقوله :
وهذا الاعتراض ليس بجيّد لأنّ التعقل عندهم هو اقتران صورة المعقول بالعاقل ، فتلك الصورة إن كانت هي الصورة المنطبعة في المادة لزم دوام التعقل بدوام تلك الصورة ، وإن كانت صورة أخرى لزم اجتماع المثلين ، وحينئذ لا يرد ما ذكره من الاعتراض لأنّه يخرج التعقل عن حقيقته التي هي الحصول من حيث هو حصول لا باعتبار اقتران أمر آخر ولا باعتبار عدمه.
ثمّ قال : بل الوجه أن يقال : إنّ الصورة الثانية حكاية للصورة الأولى ومثال لها ، وليست مساوية لها من كل وجه ، فإنّ هذه الصورة عرض قائم بالنفس ، والأولى جوهر قائم بذاته فلا يلزم اجتماع المثلين في مادة واحدة. انتهى.
أقول : اعتراض العلّامة على الكاتبى حق ، والشيخ قال : «إنّ القوة العقلية أنّما تعقل آلتها لوصول صورة آلتها إليها ، أي التعقل هو اقتران صورة المعقول بالعاقل» ، كما قال أيضا : «إنّ الصورة المعقولة إذا حلّت الجوهر العاقل جعلته عاقلا لما تلك الصورة صورته. وإن كان أمر التعقل أرفع من التعبير بالاقتران والحلول».
والعجب أنّ الكاتبى كيف غفل عن المراد؟ وهب أنّ تعقل العاقلة محلّها يتوقف على حصول شرط غير حصول صورة ثانية ، وأمّا تعقّلها نفس صورة محلها بحصول ذلك الشرط ، وتميزها عن محلها الذي هي منطبعة فيه فكيف ينبغى أن يتحقّق؟
ثمّ انّ الوجه الذي قرّره الشارح العلّامة ليس بوجيه أيضا وذلك لأنّ الصورة الثانية إذا لم تكن مساوية للصورة الأولى من كل وجه فكيف تكون هي صورته المعلومة؟