بمقارنة صورة المدرك للمدرك.
وثانيتها أنّ المدرك إن كان مدركا بذاته كانت المقارنة بحصول الصورة في ذاته ، وإن كان مدركا بآلة كانت بحصولها في آلته.
وثالثتها أنّ الأمور الجسمانية لا يمكن أن تكون فاعلة إلّا بواسطة أجسامها التي هي موضوعاتها فإذن تلك الأجسام آلاتها في أفعالها.
ورابعتها أنّ الأمور المتحدة بالماهية لا تتغاير إلّا بسبب اقترانها بأمور متغايرة إمّا مادية أو غير مادية على التفصيل المقدم ذكره.
والمقدمة الثانية عند الحكمة المتعالية غير تمام وسيأتي الكلام فيها.
فالفخر الرازى في قوله بأنّ العلم إضافة ، معترض على المقدمة الأولى فإنّ الإدراك هو العلم ، وإن كان الإطلاقات العرفية تميز بينهما أحيانا فيقال مثلا إنّ الحيوان مدرك ولا يقال انّه عالم. ثمّ انّ قوله على التفصيل بكون العلم إضافة يطلب في باب البحث عن العلم من المباحث المشرقية (ج ١ ، ص ٣١٩ ، ط ١). وقد تقدم كلامنا في الإشارة إلى عدة مواضع من الأسفار في ردّه حول التحقيق عن الحجة الأولى في تجرّد النفس. والبحث عن العلم في الأسفار يطلب في ستة فصول من مفتتح المسلك الخامس «المرحلة العاشرة» من العلم الكلى منه (ج ١ ، ص ٢٧٠ ـ ٢٧٧ ، ط ١) وإن كان في تضاعيف الكتاب قد تصدّى له مرارا. وقد أدّى نظره الشريف في أوّل الفصل الرابع من تلك الفصول بقوله :
العلم ليس أمرا سلبيا كالتجرّد عن المادّة ، ولا إضافيا ، بل وجودا ولا كل وجود بل وجودا بالفعل لا بالقوّة ، ولا كل وجود بالفعل بل وجودا خالصا غير مشوب بالعدم ، وبقدر خلوصه عن شوب العدم يكون شدة كونه علما. وبيان هذا إلخ.
اعلم انّ المحقق نصير الدين الطوسى في شرحه على الخامس من سابع الإشارات قد نقل اعتراض الفخر على المقدمة الأولى ثمّ أجاب عنه فنأتى بهما ثمّ نتبعهما بما ينبغى الإتيان بها. قال الفخر معترضا على المقدمة الأولى :
المعقول من السماء ليس بمساو للسماء الموجودة في الخارج في تمام الماهية وإلّا